
شرح تفصيلي لكل جانب من نهج الفينومينولوجيا في دراسة رسوم الأطفال
- فهم العالم الداخلي للطفل:
شرح:
الرسم بالنسبة للطفل ليس مجرد نشاط إبداعي، بل وسيلة لتقديم رؤيته للعالم. عندما يرسم الطفل، فإنه ينقل مشاعره، تجاربه، وأفكاره بشكل غير واعٍ. الفينومينولوجيا تهدف إلى التقاط هذا البعد الذاتي في الرسوم.
كيف يتم التحليل؟
يتم التركيز على العناصر التي تُبرز المشاعر، مثل الترتيب المكاني للأشكال.
مثال: إذا رسم الطفل نفسه بعيدًا عن بقية الأسرة، فقد يشير ذلك إلى إحساسه بالعزلة.
أدوات تحليلية مقترحة:

استخدام الاستبيانات التفاعلية مع الطفل لسؤاله عن مشاعره تجاه الرسم.
- تحليل الرموز والمعاني الذاتية:
شرح:
الفينومينولوجيا تنظر إلى كل رمز أو شكل في الرسوم كجزء من تجربة الطفل الحياتية. كل عنصر يُعتبر إشارة لمعنى خاص بالنسبة له.
كيف يتم التحليل؟
تحليل الألوان:
الألوان ليست مجرد خيار جمالي، بل تحمل معانٍ نفسية. مثال:
الأحمر: قد يعبر عن الغضب أو الطاقة.
الأزرق: قد يشير إلى الهدوء أو الحزن.
تحليل الأشكال:
الأشكال الكبيرة قد تشير إلى أهمية العنصر بالنسبة للطفل، بينما الأشكال الصغيرة قد تدل على شعور بالتهميش.
أمثلة:

رسم باب مغلق في المنزل: قد يرمز إلى الشعور بالانفصال أو الحماية.
رسم شمس مشعة: يعكس التفاؤل أو السعادة.
- إبراز دور الإدراك الحسي والتجارب الحياتية:
شرح:
ينظر هذا الجانب إلى الرسم كوسيلة لإعادة تكوين الإدراك الحسي للطفل عن العالم. الأطفال يعتمدون على ما يرونه، يسمعونه، ويشعرون به لترجمة تلك التجارب في رسومهم.

كيف يتم التحليل؟
التركيز على التفاصيل البصرية:
هل يرسم الطفل ما يراه حقًا أم يعيد تأطير الواقع وفقًا لتصوراته؟
مثلًا: رسم الشخصيات بأحجام غير متناسبة قد يعكس تفضيلات الطفل أو رؤيته الفريدة للأشخاص.
دراسة السياق الزمني والمكاني:
هل يعكس الرسم تجارب حديثة أم ذكريات قديمة؟
أمثلة:
طفل عاش في منطقة زراعية قد يرسم أشجارًا وحيوانات بشكل متكرر.
طفل يعيش في مدينة قد يعكس رسوماته المباني والشوارع.
- السياق الشخصي والاجتماعي:
شرح:
رسوم الأطفال لا تُفهم بمعزل عن حياتهم اليومية. السياق الاجتماعي والأسري يترك بصمة واضحة على الرسومات.
كيف يتم التحليل؟
دراسة العناصر الاجتماعية:
كيف يتم رسم الأصدقاء أو الأسرة؟ هل يتكرر عنصر معين؟
مراعاة التغيرات في حياة الطفل:
انتقال الطفل من منزل إلى آخر.
ولادة أخ جديد.
وفاة أحد أفراد الأسرة.
أمثلة:

إذا رسم الطفل صديقًا مفضلًا بجانبه بشكل متكرر، فهذا يعكس أهمية ذلك الشخص.
إذا تكرر غياب أحد الوالدين في الرسومات، فقد يشير إلى شعور بعدم التواصل أو غياب عاطفي.
- مقابلات الطفل لفهم المعاني الشخصية:
شرح:
جزء أساسي من المنهج هو التحدث مع الطفل بعد أن يرسم، لفهم نواياه ومعانيه الشخصية دون فرض تفسيرات.
كيف يتم ذلك؟
طرح أسئلة مفتوحة دون ضغط، مثل:
“ما القصة وراء هذا الرسم؟”
“لماذا اخترت هذا اللون؟”
الإصغاء بعناية لردود الطفل، حيث تُعطي إجاباتهم أدلة مباشرة عن تجربتهم.
فوائد هذا الجانب:
يعزز فهمًا دقيقًا للرسوم.
يتيح للطفل الشعور بالاحترام والاهتمام.
- تحليل تطور الرسومات مع الزمن:
شرح:
الفينومينولوجيا تهتم برصد التغيرات في رسوم الطفل مع مرور الوقت، مما يساعد في فهم نموه العاطفي والنفسي.
كيف يتم التحليل؟
دراسة تسلسل الرسوم:
هل هناك تطور في استخدام الألوان؟
هل تتغير المواضيع بمرور الوقت؟
مقارنة الرسوم في فترات مختلفة:
مثلًا: قبل وبعد حدث كبير مثل انتقال المدرسة.
أمثلة:
إذا بدأ الطفل باستخدام ألوان مشرقة بعد فترة من الرسوم الداكنة، فقد يشير ذلك إلى تحسن في حالته النفسية.
- التواصل مع الطفل بطريقة علاجية:
شرح:
الفينومينولوجيا لا تقتصر على التحليل فقط، بل تُستخدم كوسيلة تواصل لتحسين حالة الطفل النفسية.
كيف يتم ذلك؟
تشجيع الطفل على الرسم كوسيلة للتعبير عن مشاعره.
استخدام الرسومات كنقطة انطلاق للحوار.
تقديم أنشطة فنية إضافية بناءً على النتائج.
أمثلة عملية:
إذا أظهر الطفل قلقًا في رسوماته، يمكن إدماجه في أنشطة فنية تركز على التعبير عن الفرح أو السعادة.
إذا كان الطفل يشعر بالعزلة، يمكن إشراكه في جلسات فنية جماعية.
كيف يمكن تطبيق هذا المنهج في الحياة العملية؟
للمعلمين:
استخدام الرسم كأداة لتقييم مشاعر الطلاب غير المعلنة.
لأطباء النفس:
إدماج تحليل الرسومات في برامج العلاج النفسي للأطفال.
للآباء:
مراقبة الرسوم كمؤشر على مشاعر الطفل تجاه العائلة أو المدرسة.
المراجع والدراسات الداعمة:
Malchiodi, C. A. (1998) – “Understanding Children’s Drawings”
يقدم دليلًا شاملًا لتحليل رسوم الأطفال من منظور نفسي.
Edmund Husserl – “The Crisis of European Sciences and Transcendental Phenomenology”