
تُظهر هذه الرسمة لطفل يبلغ من العمر 5 سنوات والذي رسم كلباً على شكل شرغوف، العديد من الجوانب التي يمكن تحليلها نفسياً وفكرياً، اعتماداً على المرحلة العمرية والإدراكية التي يمر بها الطفل. دعونا نُفصّل التفسير بناءً على عدة جوانب:
- المرحلة العمرية والإدراكية (مرحلة ما قبل وبعد التخطيطية):
- في سن 5 سنوات، يكون الأطفال في مرحلة الرمزية المبكرة. في هذه المرحلة، لا تزال الرسومات تعبر عن مفاهيم بدائية أو مبسطة للعالم من حولهم. قد تكون الأشكال غير دقيقة وتفتقر إلى التفاصيل الواقعية، لكن الطفل يبدأ بتطوير وعي بماهية الأشكال والمخلوقات والأشخاص المحيطة به.
- رسم الكلب على شكل “شرغوف” يعني أن الطفل يركز بشكل أكبر على الرمزية بدلاً من الواقعية. الشكل البيضاوي الكبير مع الخطوط المتشابكة يمثل فكرة الكلب في ذهنه، لكن التفاصيل الدقيقة مثل الأقدام، الفم، أو الذيل قد تكون غير واضحة أو مفقودة.
- التحليل النفسي:
- الخطوط المتكررة والمتداخلة: قد يشير تكرار الخطوط وتداخلها إلى محاولة الطفل التركيز على جوانب معينة من الرسم أو محاولته التعبير عن شيء ما يتجاوز المهارات الحركية المتاحة لديه حاليًا. قد يكون الطفل مستمتعًا بتجربة الحركة أو الإحساس بالسيطرة على القلم.
- الشكل الكبير والمسيطر على الورقة: قد يشير الحجم الكبير للشكل إلى أن الطفل يشعر بالراحة والتملك في رسم الكلب، وهو حيوان قد يشعر معه الطفل بالألفة أو الأمان.
- التفاصيل البسيطة وعدم وجود تعقيد كبير: عدم الاهتمام بتفاصيل الوجه أو الفرو قد يشير إلى أن الطفل يركز على العناصر الأساسية فقط. هذا قد يكون بسبب رغبة الطفل في التركيز على الأجزاء التي يشعر بأنها الأكثر أهمية، مثل الجسم أو الحركة.
- التحليل الفكري:
- في هذا العمر، الأطفال غالباً ما يكونون في مرحلة التفكير التشغيلي المبكر حسب نظريات التطور الإدراكي (مثل نظرية “بياجيه”). فهم يفهمون العالم من حولهم عبر الصور العامة وليس التفاصيل الدقيقة. لهذا السبب، يمكن أن يكون الرسم وسيلة رائعة لفهم كيف يرى الطفل العالم من حوله.
- الرمزية والتجريد: الرسمة تُظهر أن الطفل قادر على استخدام الرمز لتوضيح الأشياء. حتى لو لم يكن الكلب واقعيًا، فإن الطفل يعرف كيف يعبر عنه بطريقة شخصية من خلال الرسوم. يعكس ذلك قدرة الطفل على الربط بين ما يتخيله وما يرسمه على الورق.
- التطور الحركي والدقيق:
- السيطرة الحركية: قد يكون تداخل الخطوط والعشوائية في الرسم مؤشراً على أن الطفل لا يزال يطور مهاراته الحركية الدقيقة، وهي مهارة طبيعية لطفل في هذا العمر. الرسومات قد تبدو غير متناسقة بعض الشيء، لكنها مؤشر جيد على تحسن مهاراته في التحكم بالقلم.
- استخدام الخطوط العريضة: استخدام الطفل لخطوط كبيرة وعريضة يعكس مدى فهمه للأشكال الأساسية. حيث أن التفاصيل الصغيرة مثل الأصابع أو الفرو قد لا تكون بعد جزءًا من وعيه الحركي.
- التعبير العاطفي من خلال الرسم:
- رسم الحيوانات، وخصوصاً الحيوانات الأليفة مثل الكلاب، يشير إلى ارتباط عاطفي معين. قد يكون الطفل يحاول التعبير عن مشاعر إيجابية مثل الأمان، الرفقة، أو الراحة.
- الشكل البسيط والمُستدير: الأشكال المستديرة الكبيرة غالباً ما تشير إلى المشاعر الإيجابية مثل الحماية أو الحنو. الكلب المرسوم بهذه الطريقة قد يعكس كيف يشعر الطفل بالارتباط والراحة تجاه هذه الحيوان.
- التفسيرات العامة لرسم الطفل في هذه المرحلة:
- النمو الطبيعي: من الشائع أن يقوم الأطفال في هذا العمر برسم الأشخاص والحيوانات بطريقة مبسطة ومجردة، ولا يتطلب الأمر القلق بشأن عدم وجود التفاصيل الواقعية.
- التقدم في المهارات: مع مرور الوقت والتشجيع، سيتعلم الطفل تدريجياً كيفية إضافة المزيد من التفاصيل إلى رسوماته مثل العيون، الفم، الذيل، والأنف. يمكن تشجيعه على ملاحظة هذه التفاصيل من خلال الملاحظة واللعب بالرسم في جو مرح.
- التفاعل الاجتماعي: يمكن أن يكون رسم الحيوان وسيلة للتعبير عن كيفية تفاعل الطفل مع الحيوانات أو الأشخاص في حياته. قد يكون الكلب رمزًا لصديق، أو لأحد أفراد الأسرة، أو مجرد حيوان يعرفه جيداً.
- كيفية دعم الطفل في هذه المرحلة:
- التشجيع بدون انتقاد: من المهم أن يشعر الطفل بالراحة في التعبير عن نفسه دون أي ضغوط للتفاصيل الواقعية. شجعه على الاستمرار في الرسم واستخدام الخيال دون القلق بشأن الكمال.
- الاستفسار بلطف: يمكنك طرح أسئلة مفتوحة للطفل حول الرسومات مثل: “أخبرني عن هذا الكلب؟” أو “ماذا يفعل الكلب هنا؟”. هذا يعزز قدرة الطفل على التفكير والتعبير.
- إدخال الألوان: جرب تقديم الألوان واطلب منه رسم الكلب باستخدام ألوان مختلفة. هذا قد يساعده على التركيز على تفاصيل إضافية ويجعله يستمتع بالرسم أكثر.
- تنظيم الأنشطة الفنية: قدم له مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية مثل الرسم ألوان الطباشير، أو الطلاء، أو حتى تكوين الكلاب أو الحيوانات باستخدام قطع من الورق. الأنشطة المتنوعة ستساعده على تحسين مهاراته الحركية والإبداعية.
- فى نهاية الأمر:
- الرسمة التي قام بها الطفل تعكس التطور الطبيعي لمهاراته الفنية والمعرفية. من المهم الاستمرار في دعم الطفل وتشجيعه على التعبير عن نفسه من خلال الرسم، مع تقديم أنشطة مختلفة لتعزيز مهاراته الحركية والإبداعية. كما يجب التركيز على خلق جو داعم ومرح ليشعر الطفل بالراحة والاستمتاع أثناء القيام بالأنشطة الفنية.